فصل: (3/140) باب النهي عن الخروج من الصلاة حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[3/140] باب النهي عن الخروج من الصلاة حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا

1240 - عن عَبَّاد بن تميم عن عمه قال: «شكى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل يُخَيَّلُ إليه أنه يجد شيئًا في الصلاة فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» رواه الجماعة إلا الترمذي.
1241 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا وجد أحدكم في بطنه شيئًا فأشكل عليه أخرج شيء أم لا، فلا يخرج من المسجد حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» رواه مسلم والترمذي، قال النووي: وهذا الحديث أصل من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الدين وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصلها ولا يضر الشك الطارئ عليها.
1242 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يأتي أحدكم الشيطان في صلاته فينفخ في مقعدته، فُيُخَيل إليه أنه أحدث ولم يحدث، فلا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا» أخرجه البزار.
1243 - وأصله في الصحيحين من حديث عبد الله بن زيد.
1244 - وللحاكم عن أبي سعيد مرفوعًا: «إذا جاء أحدكم الشيطان فقال: إنك أحدثت؛ فليقل: كذبت» وأخرجه ابن حبان بلفظ: «فليقل في نفسه».

.[3/141] باب النهي عن الكلام في الصلاة

1245 - عن زيد بن أرقم قال: «كنا نتكلم في الصلاة، يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238] فأمرنا بالسكوت» رواه الجماعة إلا ابن ماجه وزاد مسلم: «ونُهينا عن الكلام».
1246 - وعن ابن مسعود قال: «كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي فسلمنا عليه، فلم يرد علينا، فقلنا: يا رسول الله! كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا! فقال: إن في الصلاة لَشُغْلًا» متفق عليه. وأخرجه أبو داود في رواية له قال: «كنا نسلم في الصلاة ونأمر بحاجتنا، فقدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي فسلمت عليه فلم يرد علي السلام، فأخذني ما قَدُم وما حَدُث، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة قال: إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن مما أحدث ألا تتكلموا في الصلاة، فرد علىّ السلام» وصححه ابن حبان ولأحمد والنسائي بمعناها، وزاد: «كنا نسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ كنا بمكة قبل أن نأتي أرض الحبشة، فلما قدمنا من أرض الحبشة أتيناه فسلمنا عليه فلم يرد» وساق تمام الرواية، وقد أخرجها ابن حبان في "صحيحه".
1247 - وعن معاوية بن الحكم قال: «بينما أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكلاه! ما شأنكم تنظرون إليّ! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يُصَمِّتونني سكت، فلما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فو الله ما كَهَرَني ولا ضربني ولا شتمني، فقال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن» أو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود وهو مختصر من حديث طويل فيه النهي عن إتيان الكهّان والتطير والخط، وذكر عتق الأمة التي سألها أين الله؟ فقالت: في السماء، فقال: اعتقوها فإنها مؤمنة، وفي رواية لأبي داود: «لا يحل» مكان «لا يصلح»، وفي رواية لأحمد: «إنما هي التسبيح والتكبير والتحميد، وقراءة القرآن».

.[3/142] باب إذا دعا الجاهل أو تكلم بما لا يجوز في الصلاة لم تبطل صلاته

1248 - عن أبي هريرة قال: «قام النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الصلاة وقمنا معه، فقال أعرابي وهو في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا، فلما سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابي: لقد تحجرت واسعًا يريد رحمة الله» رواه أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي، وهذا الأعرابي هو الذي بال في ناحية المسجد، فقد ثبت في بعض الروايات من حديث أبي هريرة «ثم لم يلبث أن بال في ناحية المسجد».

.[3/143] باب ما جاء في النحنحة والنفخ في الصلاة

1249 - عن علي رضي الله عنه قال: «كان لي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مدخلان بالليل والنهار، وكنت إذا دخلت عليه وهو يصلي يتنحنح لي» رواه أحمد وابن ماجه والنسائي بمعناه، وصححه ابن السكن، وقد اختلف في إسناده ومتنه فقيل: تسبّح، وقيل: تنحنح، ومداره على عبد الله بن يحيى الحضرمي، قال البخاري: فيه نظر.
1250 - وعن عبد الله بن عمرو «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفخ في الصلاة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي والبخاري تعليقًا.
1251 - ولأحمد بمعناه من حديث المغيرة، ولفظ أبي داود: «ثم نفخ في آخر سجوده فقال: أف أف، ثم قال: يا رب! ألم تعدني ألا تعذبهم وأنا فيهم، ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون، ففزع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد انمحَصَت الشمس» وللنسائي بمعناه، وقد وردت أحاديث قاضية بكراهة النفخ في الصلاة وفي السجود وكلها ضعيفة لا تقوم بمثلها حجة.

.[3/144] باب البكاء في الصلاة من خشية الله قال الله تعالى: {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيّا}

1252 - عن عبد الله بن الشِّخِّير قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وفي صدره أَزِيْز كأزيز المِرْجَل من البكاء» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وصححه ابن حبان وابن خزيمة.
1253 - وعن ابن عمر قال: «لما اشتد برسول الله وجعه قيل له الصلاة قال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس، فقالت عائشة: أن أبا بكر رجل رقيق إذا قرأ غَلَبَه البكاء، فقال: مُروه فليصلّ، فعاودته فقال: مُروه فليصلّ» رواه البخاري.
1254 - ومعناه متفق عليه من حديث عائشة.
قوله: «أزيز» بفتح الألف بعدها زاي مكسورة، ثم تحتانية ساكنة ثم زاي هو صوت القدر. «والمرجل» بكسر الميم وفتح الجيم قدر من نحاس.

.[3/145] باب حمد الله في الصلاة لعطاس أو حدوث نعمة وما جاء في وضع اليد على الفم

1255 - عن رفاعة بن رافع قال: «صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فعطست، فقلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، فلما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: مَن المتكلم في الصلاة؟ فلم يتكلم أحد، ثم قالها ثانية، فلم يتكلم أحد، ثم قالها ثالثة فقال رفاعة: أنا يا رسول الله! فقال: والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضع وثلاثون ملكًا أيهم يصعد بها» رواه النسائي والترمذي والبخاري ولم يذكر العطاس فيه، ولفظه: عن رفاعة بن رافع الزُّرَقي قال: «كنا يومًا نصلّي وراء النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما رفع رأسه من الركعة قال: سمع الله لمن حمده، قال رجل وراءه: ربنا ولك الحمد، حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، فلما انصرف قال: من المتكلم؟ قال: أنا، قال: رأيت بضعًا وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أوَّلًا» انتهى.
1256 - وسيأتي إن شاء الله في باب ما جاء في الإمام ينقلب مأمومًا حديث سهل بن سعد وفيه قصة صلاة أبي بكر بالناس حين ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم وفيه: «فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس في الصلاة، فتخلص حتى وقف فصفق الناس، وكان أبو بكر لا يتلفت في الصلاة فلما أكثر الناس التصفيق التفت، فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم -» متفق عليه.
1257 - ولأبي داود من حديث أبي هريرة قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه وخفض أو غض بها صوته» وصححه الترمذي.

.[3/146] باب التثاؤب في الصلاة وما يصنع حاله

1258 - عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «العطاس والنعاس والتثاؤب في الصلاة من الشيطان» أخرجه الترمذي وحسنه.
1259 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءبَ أحدكم فليكظم ما استطاع» رواه مسلم والترمذي وزاد: «في الصلاة».
1260 - وهي لأبي داود من حديث أبي سعيد وفيه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تثائب أحدكم فليمسك على فيه، فإن الشيطان يدخل».
1261 - وللبخاري من حديث أبي هريرة عن النبي: «إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب، فإذا عطس فحمد الله فحق على كل مسلم سمعه أن يُشَمِّتَه، وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فليرده ما استطاع، فإذا قال: ها، ضحك منه الشيطان».

.[3/147] باب من نابه شيء في الصلاة فإنه يسبح والمرأة تصفق

1262 - عن سهل بن سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من نابه شيء في صلاته فليسبّح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء» أخرجه مسلم مطولًا وفيه قصة صلاة أبي بكر بالناس، وسيأتي إن شاء الله في باب ما جاء في الإمام ينتقل مأمومًا من أبواب الجماعة، وللبخاري والنسائي وأبي داود معناه.
1263 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «التسبيح للرجل والتصفيق للمرأة في الصلاة» رواه الجماعة ولم يذكر البخاري وأبو داود والترمذي «في الصلاة».
1264 - وعن علي رضي الله عنه قال: «كانت لي ساعة من السِّحر أدخل فيها على النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن كان قائمًا يصلي، سبح لي فكان ذلك إذنه لي وأن لم يكن يصلي أذن لي» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه ابن السكن، وقد قدمنا أنه اختلف في إسناده ومتنه في باب ما جاء في النحنحة.

.[3/148] باب المصلي يدعو ويذكر الله إذا مرّ بآية رحمة أو عذاب أو ذكر

1265 - قد تقدم حديث حذيفة في باب ما جاء في قراءة سورتين في ركعة وفيه في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوّذ تعوّذ» رواه أحمد ومسلم.
1266 - وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في صلاة ليست بفريضة فمر بذكر الجنة والنار فقال: أعوذ بالله من النار، ويل لأهل النار» رواه أحمد وابن ماجه بمعناه.
1267 - وعن عائشة قالت: «كنت أقوم مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة التمام، فكان يقرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء، فلا يمر بآية فيها تخويف إلا دعا الله عز وجل واستعاذ، ولا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله عز وجل ورغب إليه» رواه أحمد ويشهد لصحته حديث حذيفة المتقدم.
1268 - وعن موسى ابن أبي عائشة قال: «كان رجل يصلي فوق بيته، وكان إذا قرأ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة:40] قال: سبحانك! فبلى. فسألوه عن ذلك فقال: سمعته من النبي - صلى الله عليه وسلم» رواه أبو داود وسكت عنه المنذري ورجال إسناده ثقات، وموسى ابن أبي عائشة قال في التقريب: ثقة عابد من الخامسة وكان يرسل.
1269 - وعن عوف بن مالك قال: «قمت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فبدأ فاستاك وتوضأ، ثم قام فصلى فبدأ، فاستفتح البقرة لا يمرّ بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ ثم ركع، فمكث راكعًا بقدر قيامه يقول في ركوعه: سبحان ذي الجَبَرُوت والملكوت والكبرياء والعظمة! ثم سجد بقدر ركوعه يقول في سجوده: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة! ثم قرأ آل عمران، ثم سورةً سورةً فعل مثل ذلك» رواه النسائي وأبو داود وأخرجه الترمذي ورجال إسناده ثقات ولم يذكر أبو داود الوضوء والسواك، ولا أعاد ما يقول في السجود بل قال: «ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام فقرأ بآل عمران ثم قرأ سورة سورة».

.[3/149] باب الإشارة في الصلاة برد السلام أو حاجة تعرض

1270 - عن ابن عمر قال: «قلت لبلال كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو في الصلاة؟ قال: يشير بيده» رواه الخمسة إلا أن في رواية النسائي وابن ماجه «صهيبًا» مكان «بلال»، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين.
1271 - وعن ابن عمر عن صهيب أنه قال: «مررت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يصلي فسلمت، فرد إلىّ إشارة وقال لا أعلم إلا أنه قال: إشارة بإصبعه» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وقال الترمذي: كلا الحديثين عندي صحيح.
1272 - وعن أم سلمة: «أنها أرسلت جاريتها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: قومي بجنبه وقولي له: تقول لك أم سلمة: يا رسول الله! سمعتك تنهى عن هاتين وأراك تصليهما، فإن أشار بيده فاستأخري عنه، ففعلت الجارية فأشار بيده» الحديث أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود. وقوله: «تنهى عن هاتين» أي: الركعتين بعد العصر.
1273 - وعن عائشة قالت: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته وهو شاكٍ، فصلى جالسًا ويصلي وراءه قوم قيامًا، فأشار إليهم أن اجلسوا» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود ومالك في "الموطأ".
1274 - وعن جابر قال: «اشتكى النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلينا وراءه وهو قاعد، وأبو بكر يسمع الناس تكبيره، قال: فالتفت إلينا فرآنا قيامًا فأشار إلينا فقعدنا» أخرجه مسلم والنسائي.

.[3/150] باب كراهية الالتفات في الصلاة إلا من حاجة

1275 - عن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إياك والالتفات في الصلاة، فإن الالتفات في الصلاة هَلِكة، فإن كان لا بد ففي التطوع لا في الفريضة» رواه الترمذي وصححه.
1276 - وعن عائشة قالت: «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الالتفات في الصلاة فقال: اختلاسٌ يختلسه الشيطان من صلاة العبد» رواه أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وأبو داود.
1277 - وعن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال الله مقبلًا على العبد في صلاته ما لم يلتفت فإذا صرف وجهه انصرف عنه» رواه أحمد والنسائي وأبو داود، وفي رواية: «فإذا التفت انصرف عنه»، والحديث في إسناده أبو الأحوص قد تكلم فيه، وقد صحح له الترمذي وابن حبان، وأخرج الحديث ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما".
1278 - وقد روى الترمذي نحوه من حديث الحارث الأشعري وصححه ولفظه: «إن الله يأمركم بالصلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا، فإن الله تعالى ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت».
1279 - وعن ابن الحَنْظلية قال: «ثوب بالصلاة يعني صلاة الصبح، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي وهو يلتفت إلى الشِّعْب» رواه أبو داود وقال: وكان أرسل فارسًا إلى الشعب من الليل يحرسه، وأخرجه الحاكم وقال: على شرط الشيخين، وحسنه الحازمي.
1280 - وقد ثبت أن أبا بكر التفت لمجيء النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الظهر، والتفت الناس لخروجه - صلى الله عليه وسلم - في مرض موته ولم ينكر عليهم.
قوله: «اختلاس» قال في "النهاية": الاختلاس افتعال من الخلسة وهو ما يؤخذ سلبًا.

.[3/151] باب النهي عن تشبيك الأصابع في المسجد والتخصر والاعتماد على اليد إلا لحاجة

1281 - عن أبي سعيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا كان أحدكم في المسجد فلا يشبكن فإن التشبيك من الشيطان، فإن أحدكم لا يزال في صلاة ما دام في المسجد حتى يخرج منه» رواه أحمد، قال في "مجمع الزوائد": وإسناده حسن، وحسن إسناده أيضًا المنذري.
1282 - ولابن خزيمة نحوه في "صحيحه" من حديث أبي هريرة.
1283 - وعن كعب بن عُجْرَة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا توضأ أحدكم ثم خرج عامدًا إلى الصلاة فلا يشبكن بين يديه فإنه في صلاة» رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد والترمذي وابن حبان في "صحيحه".
1284 - وعن كعب بن عُجْرَة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا قد شبك بين أصابعه في الصلاة ففرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أصابعه» رواه ابن ماجه وفي إسناده علقمة بن عمرو.
1285 - وأما ما روي في حديث ذي اليدين: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام إلى خشبة معروضة في المسجد، فاتكأ عليها كأنه غضبان وشبك بين أصابعه» أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة فلا يعارض هذه الأحاديث لأن النهي عن التشبيك إنما هو في الصلاة، والمنتظر حكمه حكم المصلي، والنبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه القصّة جازم بأنه قد فرغ من الصلاة فالتشبيك منه - صلى الله عليه وسلم - في حالة مباحة.
1286 - وعن معاذ بن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الضاحك في الصلاة والملتفت والمُفَقّع أصابعه بمنزلة واحدة» أخرجه أحمد والطبراني وفي إسناده ابن لَهِيْعة.
1287 - وقد روى ابن ماجه عن علي رضي الله عنه قال: «لا تفقع أصابعك في الصلاة» وفي إسناده الحارث الأعور.
1288 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن التَّخَصُّر في الصلاة» رواه الجماعة إلا ابن ماجه.
1289 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الاختصار في الصلاة راحة أهل النار» رواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما".
1290 - وعن ابن عمر قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يده» رواه أحمد وأبو داود، وفي لفظ لأبي داود: «نهى أن يصلي الرجل وهو معتمد على يده» والحديث أخرجه أبو داود عن الإمام أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر، وسكت عنه أبو داود والمنذري.
1291 - وعن أم قيس بنت مِحْصَنٍ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أسَنّ وحمل اللحم اتخذ عمودًا في مصلاه يعتمد عليه» رواه أبو داود بإسناده فيه مجهول.
قوله: «لا تفقع» بالتاء المثناة الفوقانية بعدها فاء، ثم قاف مشددة مكسورة، ثم عين مهملة، والتفقيع: هو غمز الأصابع حتى يسمع لها صوت.
قوله: «التخصر» هو وضع اليد على الخاصرة كذا قاله الترمذي في "سننه".

.[3/152] باب النهي عن تجريد المنكبين في الصلاة وما جاء في الصلاة في ثوب يخشى منه انكشاف العورة

1292 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يصلين أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء» رواه البخاري ومسلم، ولكن قال: «على عاتقيه» ولأحمد اللفظان.
1293 - وعنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من صلى في ثوب واحد فليخالف بطرفيه» رواه البخاري وأحمد وأبو داود وزاد «على عاتقيه».
1294 - وعن جابر بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا صليت في ثوب واحد، فإن كان واسعًا فالتحف به، وإن كان ضيقًا فأتزر به» متفق عليه، ولفظه لأحمد، وفي لفظ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا ما اتسع الثوب فلتعاطف به على منكبيك ثم صلّ، وإذا ضاق عن ذلك فشُدّ به حقوك ثم صل من غير رداء».
1295 - وعن سَلَمة بن الأكوع قال: «قلت يا رسول الله! إني أكون في الصيد وأصلي، وليس علي إلا قميص واحد، قال: فزره، وإن لم تجد إلا شوكة» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة والشافعي وابن حبان والحاكم، وقال حديث مدني صحيح، انتهى. وعلقه البخاري في "صحيحه" ووصله في "تاريخه" وفي إسناده مقال.
1296 - وعن عروة بن عبد الله عن معاوية بن قُرَّة عن أبيه قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في رهط من مزينة فبايعناه وإن قميصه لمطلق قال: فبايعته وأدخلت يدي فمسست الخاتم قال عروة: فما رأيت معاوية ولا ابنه في شتاء ولا حر إلا مطلقي إزارهما لا يزرران أبدًا» رواه أحمد وأبو داود والترمذي في الشمائل، ورجال إسناده ثقات إلا أبا نعيم عبد الرحمن بن هانئ، فقال في "الكاشف": اختلف في توثيقه، وقال في "التقريب": صدوق انتهى. وأخرج الحديث ابن ماجه.

.[3/153] باب الصلاة في ثوبين وواحد

1297 - عن أبي هريرة: «أن سائلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة في ثوب واحد، فقال: أو لكلكم ثوبان» رواه الجماعة إلا الترمذي.
1298 - وعن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى في ثوب واحد متوشحًا به» متفق عليه.
1299 - وعن عمر بن أبي سلمة قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في ثوب واحد متوشحًا به في بيت أم سلمة قد ألقى طرفيه على عاتقه» رواه الجماعة.

.[3/154] باب ما جاء في النهي عن الإسبال والسّدْل والتلثّم في الصلاة

1300 - قد تقدم في كتاب اللباس حديث أبي هريرة، وفيه: «أن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل أزاره» رواه أبو داود بإسناد فيه أبو جعفر وهو مجهول.
1301 - وذكر في "مجمع الزوائد" هذا الحديث عن عطاء بن يسار عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر الحديث وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وقال النووي: الحديث إسناده على شرط مسلم، وقد تقدم في باب النهي عن الإسبال أحاديث صحيحة غير مقيدة بحال الصلاة، وحال الصلاة داخلة تحت العموم فارجع إليها.
1302 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن السدل في الصلاة وأن يُغَطِّي الرجل فاه» رواه أبو داود ولأحمد والترمذي منه النهي عن السدل، ولابن ماجه النهي عن تَغْطية الفم، وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث عِسْل بن سفيان، وقال الحافظ: وعسل بن سفيان لم يتفرد به، فقد شاركه في الرواية عن عطاء الحسن بن ذكوان، والحديث قد أخرجه الحاكم في "المستدرك" مثل رواية أبي داود وقال: صحيح على شرط الشيخين.
قوله: «مسبل» الإسبال بالسين المهملة والموحدة قال في "الدر النثير" إسبال الإزار: إرساله إلى الأرض.
قوله: «السدل» بالسين المهملة المشددة بعدها دال مهملة ساكنة، قال في "الدر النثير": هو أن يضع الرداء على رأسه ويرسل طرفيه عن يمينه وشماله من غير أن يجعلهما على كتفيه وهو شعار اليهود.
قوله: «عِسْل» بكسر العين وإسكان السين المهملتين هو ابن سفيان التميمي اليربوعي وكنيته أبو مرة، ضعيف قاله المنذري.